رحلة حانون
اشتهر الشعب الفينيقي بكونه من امهر وأكبر ملاحي العصور القديمة، وذلك على السواء بين سكان مدن شرق البحر المتوسط (أوغاريت أرواد وجبيل وصور وصيدا) وهؤلئك اللذين استقروا
في مختلف أنحاء العالم القديم وخاصة في مدينة قرطاج حيث مآثرهم طبعت تاريخ الملاحة.
بعض النصوص القديمة تتحدث عن هذه الرحلات، ونقش عدد من أسماء الملوك الفينيقيين أو البحارة أو أصحاب السفن المتعلقة برحلة تجارية أو استكشافية
أو خلال حرب معينة حيث المدن وضعت أساطيلها في خدمة قائد أو حضارة. من بين هذه النصوص، رحلة الملك حيرام من صور وسليمان إلى أرض أوفير (القرن العاشر ق.م.)،
والحملة التي مولها الفرعون نِخَو الثاني (أواخر القرن السابع ق.م.)، الرحلات الاستكشافية التي قام بها القرطاجيون (القرن الخامس ق.م.): حانون إلى أفريقيا
الغربية وشقيقه هيملكون إلى شمال أوروبا (الجزر البريطانية وإيرلندا). مسعى جميع هذه الرحلات كان للعثور على الذهب والثروات والمادة الخامة لتنمية الحرف
وأنشاء مراكز تجارية جديدة لتبادل أو بيع السلع والبضائع التجارية. بالإضافة إلى روح المغامرة وحب الاستطلاع والأمل الدائم باكتشاف طرق بحرية جديدة لتعزيز
تجارتهم ومن اجل اقتصار الوقت والمسافات بين المراحل والمرافئ.
وصل لنا القليل من المعلومات والتفاصيل عن هذه الرحلات، باستثناء رحلة الملك القرطاجي حانون في الربع الأول من القرن الخامس (٤٢٥ قبل الميلاد).
يعرف هذا الإنجاز الشهير في الوثائق التاريخية وسجلات الإنجازات البحرية تحت اسم رحلة حانون الطوافة. أول واشهر البحارة الذين غامروا ما وراء أعمدة هرقل،
حدود العالم القديم، للالتفاف حول أفريقيا. نقشت رواية الملك حانون على جدار معبد ملكارت في قرطاج الذي دمره الرومان بعد انتصارهم على القرطاجيين ودخولهم
المدينة. يعود فضل نقل تفاصيل الرحلة إلى بعض الرحالة الإغريق، الذين زاروا قرطاج قبل تدميرها وتركوا لنا نسخات عن النقوش الأصلية التي وجدوها في المعبد.
أسطورة أو واقع؟ قصة كاملة أو معدلة؟، نص حقيقي أو حكاية؟ العديد من التساؤلات تدور حول هذا الموضوع، لكن تفاصيل الرحلة تتوافق مع تضاريس ومعالم أفريقيا
الغربية والدراسات العلمية أكدت واقعية وصدق هذه الرحلة.
ترجمة النص اليوناني تقول ما يلي:
هذه هي قصة الرحلة الطويلة التي حققها حانون، ملك القرطاجيين، من بلدان ليبيا، ما وراء أعمدة هرقل، والتي نقشها على حجر في معبد كرونوس
(ملكارت عند القرطاجيين):
- قرر القرطاجيون إن على حانون أن يبحر إلى ما وراء أعمدة هركل لإنشاء مستعمرة ليبية–فينيقية. فباشر الملك في رحلته على متن ٦٠ سفينة مع حوالي ٣٠ الف
رجل وامرأة، ومؤن والتجهيزات الضرورية.
- بعد إبحاره وراء أعمدة هرقل لمدة يومين، أسس أول مدينة وأسماه تيمياثريون. وكانت تهمين على سهل واسع.
- تابعنا رحلتنا باتجاه الغرب، وصلنا إلى صولويس، رعن مغطى بالأشجار، حيث أسسنا معبد مخصص لبوسيدون (بعل صفون القرطاجي).
- بعد الإبحار باتجاه الشرق لمدة نصف يوم، وصلنا إلى بحيرة، على بعد قليل عن البحر، مكتظة بالكثير من الأعشاب العالية التي تتغذى منها الفيلة والعديد من
الحيوانات البرية الأخرى.
- على بعد يوم من الإبحار، ما وراء هذه البحيرة، أسسنا على الساحل، خمس مدن جديدة: كاريكون-تيكوس، جيت، اكرا، مليتًا وارمبيس.
- إستأنفنا رحلتنا، ووصلنا إلى مصب نهر واسع الذيي ُعْرَفْ بإسم ليكسوس، ويعبر ليبيا، ومن ثم التقينا ببدو، "الليكسوسيين"، يرعون قطعانهم على ضفاف النهر.
فاستضافونا ومكثنا معهم لبعض الوقت وأصبحوا أصدقاءنا.
- ومن ثم توجهنا إلى المناطق الداخلية، حيث تنتشر الحيوانات البرية ومليئة بالجبال الكبيرة، وهنالك يعيش الأثيوبيون، شعب غير مضياف. يقولون أن منبع ليكسوس
يتواجد في هذه المنطقة، ويتواجد ايضا سكان كهوف في خضم هذه الجبال، مظاهرهم غريبة، ورجالهم أسرع في العدو من الخيول، وفقا لما يقول الليكسوسيين.
- أخذنا معنا مترجم من الليكسوسيين وسافرنا لمدة يومين في اتجاه الجنوب على طول ساحل صحراوي، ثم يوم آخر نحو الشرق. وجدنا جزيرة صغيرة محيطها يعادل خمسة ملاعب،
على طرف خليج. أنشأنا مركز تجاري وأسميناه "سِرْنِه". وباعتقادنا وحسب سفرنا ومسارنا، فاننا نتواجد على خط مقابل لقرطاج، وذلك لأن الرحلة من قرطاج إلى أعمدة
هرقل ومن ثم من الأعمدة إلى هنا تبدو متعادلة.
- من هناك صعدنا النهر الكبير "كريتس". لنصل إلى بحيرة تحوي ثلاث جزر أكبر من "سِرْنِه". بعد يوم من السفر، وصلنا إلى نهاية البحيرة، حيث تتواجد
جبال عالية مليئة بأشخاص بربرين يلبسن جلود الحيوانات، رمونا بالحجارة وحاربونا. ومنعونا من النزول من سفننا.
- تابعنا سفرتنا، من هناك وصلنا إلى نهر رئيسي جديد يعج بالتماسيح وأفراس النهر. ثم رجعنا على طريقنا وعدنا إلى "سِرْنِه".
- ابحرنا إلى الجنوب لمدة اثني عشر يوما، بالقرب من الساحل حيث رأينا طوال رحلتنا العديد من الإثيوبيين الذين ما يلبثوا أن يفروا عند رؤيتنا. وكانت
لغتهم غير مفهومة حتى للمترجم الليكسوسي.
- ألقينا المرساة في اليوم الأخير بالقرب من جبال عالية مغطاة بأشجار تفوح من أخشابها روائح عطرة.
- أبحرنا في المنطقة لمدة يومين. ووصلنا إلى شاطئ خليج ضخم حيث كنا نستطيع، مع حلول الليل، رؤية نيران كبيرة وغيرها من النيران الصغيرة التي كانت تنور
السماء بالتوالي.
- بعد أن تزودنا من المياه، أبحرنا لمدة خمسة أيام على طول الساحل حتى وصلنا إلى خليج كبير ابلغنا المترجمون بانه يسمى "قرن الغرب". في وسطه جزيرة كبيرة
وعلى الجزيرة، بحيرة من المياه المالحة التي كانت تحوي جزيرة جديدة نزلنا عليها. لم يكن بوسعنا أن نرى شيئا في النهار سوى الغابة المحيطة، ولكن في الليل، رأينا
أضواء تشعشع في كل مكان وسمعنا ضجة قوية. دب الخوف فينا وأخذنا القرار بمغادرة الجزيرة.
- أبحرنا بسرعة لنتجاوز ساحل بري تنبثق منه رائحة البخور. كانت لهب النار والحمم البركانية تنتشر حتى البحر ولم يكن بالإمكان الاقتراب من المنطقة بسبب الحرارة.
- تركنا المنطقة خائفين وفي عجلة من امرنا وأبحرنا مرة أخرى لمدة أربعة أيام. رأينا خلال الليل بلاد تأكلها النيران. وكان هناك لهب في الوسط أعلى من الأخرى، يبدو
لنا أنه وصل النجوم. أما في النهار، بدا الأمر كجبل عظيم، وكان يسمى "عربة الآلهة".
- أبحرنا لمدة ثلاثة أيام بعيدا عن هذا المكان حيث تدفقت الحمم الخطيرة ووصلنا إلى الخليج يسمى "قرن الجنوب".
- وجدنا جزيرة على طرف الخليج، كانت أكبر من الجزيرة الأولى، مع بحيرة حيث كان هناك جزيرة أخرى مليئة من القردة. كان هناك عدد أكبر بكثير من الإناث التي كانت
مكسوة بالشعر، يسميها المترجمين "الغوريلا". حاولنا متابعتها، لكننا لم نستطع القبض على أي من الذكور لأنها كانت معتادة لتسلق المنحدرات. هربت منا ورمت علينا
الحجارة لحماية تراجعها. لكننا قبضنا على ثلاثة من الإناث لكنها حاولت الهرب بخمش وعض من يحملها. ذبحناها وسلخنا جلودها وجلبنا هذه الجلود معنا إلى قرطاج،
وهناك انتهت رحلتنا بسبب قلة المؤن.
ينقسم المؤرخون حول هذه القصة. يعتقد معظم المتشككين بأن حانون لم يتمكن من تجاوز الساحل المغربي الأطلسي (تيمياثريون يمكن أن تتطابق مع القنيطرة الحالية
التي تهيمن على سهل غرب، ورأس صولويس مع الرأس الأبيض). أما الأكثر حماسا هم ضد هذا التحليل، ويقولون بأن حانون قد وصل إلى شواطئ الكاميرون ("عربة الآلهة" هو
بركان جبل الكاميرون). لكن معظم العلماء يدعون ويتفقون بأنه، على أي حال، وصل إلى نهر السنغال ("كريتس").
(1) |
Les Libyo-Phéniciens sont issus d'une race métisse, mélange d'Africains et d'Orientaux |
Retour texte |
(2) |
Les Lixites sont les nomades du Sahara Occidental, ils étaient les intermédiaires entre l'Afrique blanche et l'Afrique noire |
Retour texte |
(3) |
Il s'agissait probablement des habitants de la Guinée |
Retour texte |
(4) |
Nous supposons que les troglodytes sont les ancêtres des Berbères qui refusaient toute domination étrangère et tenaient à leur indépendance |
Retour texte |
(5) |
Il y a trois suppositions concernant cette île: Tydra au sud de la baie du Lévrier, l'île de Saint Louis à l'embouchure du fleuve Sénégal ou plus au sud Gorée à quelques encablures du Dakar. Une autre hypothèse précise que l'île est située dans la baie di Rio de Oro et que les anciennes cartes marines désignaient sous le nom d'île d'Hern |
Retour texte |
(6) |
Certains historiens parlent de ce pays montagneux qui pourrait correspondre au pays de Bambouk, fabuleux pays des mines d'or. Quand Hannon parle de l'accueil hostile et agressif qui lui a été réservé, nous pensons que ce discours est volontaire et susceptible de dégoûter tous ceux qui seraient tentés d'aller sur ses traces à la recherche de l'or |
Retour texte |
(7) |
Le cap des Palmes en Côte-d'Ivoire |
Retour texte |
(8) |
le volcan du mont Cameroun |
Retour texte |